الجمعة، 10 أغسطس 2012

أنا العاصمة



أنا يمكن لسه مخطّي عتبة العشرين بقالي شهور , بس حافظ بلدي شبر شبر
 وحظي صادف إني لفّيتها كلها , اتربيت في إمبابة جنب القطر والترعة اللي خنقاني بزبالتها اللي حواليها بس كنت راضي عشان النيل كان قريب  محدش هياخد كل حاجة .
مع أصحابي رحت السيدة زينب وكلت "قنبلة " وركبنا "خمسة" على مكنة صيني ورجعنا من التحرير قبل ما نعرفه كميدان ثوره , وميدان الجيزة وانت راجع من الجامعة الزحمة و كشري أبو عماد , ومَسكن حبيبتي.


 خالي خدني معاه بورسعيد وأنا صغير قعدنا أربع أيام هناك , جريت خايف من البحر عشان كان مليان "أحصنة "بتستحمى , وخضّني صوت السفن في المينا وقعدت أضحك عليهم وهمّا بيناولوا لبعض السمك , وقعدت أغيظ أصحابي بأني عديت البحر ع المعادية اللي بنعدي عليها بالعربيات.

 وإسماعلية اللي رحتها مرة عشان قرايبي وكذا مرة عشان أصيف , وفايد مصيف الغلابة مكان قريب وشط مش غالي والميّه بتاعتها  باظت من مخلفات البواخر الكبيرة اللي بتعدي فيها , واستغربت قوي إني ممكن أشوف القناة من هناك ,
كفر الشيخ وبلطيم اللي بحرها فكّرني بعروسة البحرالمتوسط "إسكندرية" وشارع خالد ابن الوليد اللي لازم تعدي عليه أول ما تنزل عشان تتمشى فيه وانت مروح عشان تجيب هدايا لاخواتك الصغيريين , وهريسة وآيس كريم عزة اللي اكيد هيبهدل لك هدومك عشان هوا البحر جامد وبير مسعود اللي محاوطينه حديد دلوقتي عشان راح فيه شباب بتحب الموت في سبيل المتعة, ويوم القلعه والأنفوشي وريحة الترسة في المينا, وكلمة"ولا ياحمو" اللي كنت فاكرها في الأفلام بس , وابتسامة صاحبك أبو وش أسمر اللي تشبه الأطفال وإحنا بنّط  سور الحديد اللي حوالين القلعه عشان ندخل نقعد ع الصخور وناخد كام صورة.

مكتب التنسيق اللي حدفني " الفيوم " السواقي والبحيرة وشلالات ووشوش طيبة وعقول بسيطة ومش بتحب تحبكها ،الأكلة الجامدة اللي متكلفكش فلوس كتير والتاكسي الاخضر  تمرمطة معاك بـ 2 جنية ولما بيفتري بيزودها جنيه , والمسلة اللي توهتني أول يوم , وأصحاب الجامعه اللي من كل بلد شوية , اللون الاحمر البحراوي والاسمر الصعيدي , ولهجات تموتك من الضحك وتعرفك قيمة الاختلاف.

 أصولي اللي من " قبلي " نجع حمادي ،بيتنا قصاد النيل اللي بيوسع كل اما تنزل تحت في الخريطة , وبطنك تنيمك في الحمام من كتر مص القصب طول النهار , والطبيخ اللي جنبه أساسي طبق الجبنة القديمة باعتبارها حوادئ زي المخلل وأكلة السمك البلطي الطازة اللي لسة طالع من النيل , والسٌمبك بضم ال ( سُ ) الى هي الفلوكة المركب الصغيرة , وأول مرة تركب حمار.

أنا فاكر لما كنا بنسهر يوم الخميس بنعبي الرز بلبن في العلب عشان نروح تاني يوم نوزعه ع الغلابة قدام الجوامع , يوم السيدة زينب وعائشة ونفيسة والبدوي والحسين , أمي كانت متعودة تعمل كدا وتقولهم ادعوا لنا ربنا يغفرلنا ويبعد عنا شر الدنيا.

صوت منير بيرن في وداني من طفولتي ( من قلبه وروحه مصري والنيل جواه بيسري ) وكبرت على الإحساس بمعاني كلماته إللي بتديني أمل وفلسفة دايما في الحياة , وحفلة حمزة نمرة وبلاك تيما ووسط البلد الى بتنسيك معنى ( الثبات ع الارض ) في الحركة والحلم.

  ورصيف وسط البلد ( دار القضاء ) وميدان عابدين اللي جدرانه زعقت معانا : "لا للتمديد ولا للتوريث ".والجري من الأمن المركزي في المترو وبيوت الناس , وصورتك اللي نزلت في الجرنال واتنكد عليك بسببها لما أبوك شافها , لأنك بتروح من غير علمه.

ولعبة السياسة اللي بتزود همومك بجانب معرفتك اللي بتزيد من قراية الكتب فتقلب مزاجك ( يا حسرة العارفين ) , وكلمة بلاد الله واسعة اللي بتخرج مكسوفة , وأنت بتودع شهيد وبترجع فيها على طول.

 مصر مش مجرد أرض , دي ذكرى حلوة هتفضل تطاردك في كل لحظات حياتك , دمعه هتنزل منك لما تسمع ( دا أنتي بلاد طيبة ) , قهر لما ابنك ميعرفش يعني أيه ( بلي وجحره , نحل وقطان ) , قبرك لو مكانش وسط أهلك في البساتين أو في الإمام.

هناك تعليق واحد: